فصل: من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدعاء}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

اعلم أن قولنا: ثم، وهناك، وهنالك، يستعمل في المكان، ولفظة: عند، وحين يستعملان في الزمان، قال تعالى: {فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وانقلبوا صاغرين} [الأعراف: 119] وهو إشارة إلى المكان الذي كانوا فيه، وقال تعالى: {إِذَا أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَانًا ضَيّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13] أي في ذلك المكان الضيق، ثم قد يستعمل لفظة {هُنَالِكَ} في الزمان أيضا، قال تعالى: {هُنَالِكَ الولاية لِلَّهِ الحق} [الكهف: 44] فهذا إشارة إلى الحال والزمان.
إذا عرفت هذا فنقول: قوله: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} إن حملناه على المكان فهو جائز، أي في ذلك المكان الذي كان قاعدًا فيه عند مريم عليها السلام، وشاهد تلك الكرامات دعا ربه، وإن حملناه على الزمان فهو أيضا جائز، يعني في ذلك الوقت دعا ربه. اهـ.

.قال ابن عادل:

هنا هو الاسم، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، وهو منصوب على الظرف المكاني بـ {دَعَا} وزان ذلك، وهو منصوب على الظرف المكاني، بـ {دعا} أي: في ذلك المكان الذي رأى فيه ما رأى من أمر مريمَ، وهو ظرف لا يتصرف بل يلزم النصبَ على الظرفية بمِنْ وإلَى.
قال الشاعر: [الرجز]
قَدْ وَرَدَتْ مِنْ أمكِنَهْ ** مِنْ هَاهُنَا وَمِنْ هُنَهْ

وحكمه حكم ذَا من كونه يُجَرَّد من حرف التنبيه، ومن الكاف واللام، نحو هُنَا وقد يَصْحَبه ها التنبيه، نحو هاهنا، ومع الكاف قليلًا، نحو ها هناك، ويمتنع الجمع بينها وبين اللام. وأخوات هنا بتشديد النون مع فتح الهاء وكسرها- وثَمَّ بفتح الثاء- وقد يقال: هَنَّت. ولا يشار بـ {هُنَالِكَ} وما ذُكِرَ مَعَهُ إلا للأمكنة، كقوله: {فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وانقلبوا صَاغِرِينَ} [الأعراف: 119] وقوله: {هُنَالِكَ الولاية لِلَّهِ الحق} [الكهف: 44] وقوله: {دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13].
وقد زعم بعضهم أن هُنا وهناك وهنالك للزمان، فمن ورود هنالك بمعنى الزمان عند بعضهم- هذه الآية أي: في ذلك الزمان دعا زكريا ربه، ومثله: {هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون} [الأحزاب: 11]، وقوله: {فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ} ومنه قول زهير: [الطويل]
هُنَالِكَ إنْ يُسْتَخْبَلُوا الْمَالَ يُخْبِلُوا

ومن هنَّا قوله: [الكامل]
حَنَّتْ نُوَارُ وَلاَتَ هَنَّا حَنَّتِ ** وَبَدَا الَّذِي كَانَتْ نَوَارُ أجَنَّتِ

لأن لات لا تعمل إلا في الأحيان.
وفي عبارة السجاوندي أن هناك في المكان، وهنالك في الزمان، وهو سهو؛ لأنها للمكان سواء تجردت، أو اتصلت بالكاف واللام معًا، أم بالكاف من دون اللام. اهـ.

.قال أبو حيان:

قيل: واللام في: هنالك، دلالة على بعد المسافة بين الدعاء والإجابة، فإنه نقل المفسرون أنه كان بين دعائه وإجابته أربعون سنة.
وقيل: دخلت اللام لبعد منال هذا الأمر لكونه خارقًا للعادة، كما أدخل اللام في قوله: {ذلك الكتاب} لبعد مناله وعظم ارتفاعه وشرفه.
وقال الماتريدي: كانت نفسه تحدثه بأن يهب الله له ولدًا يبقى به الذكر إلى يوم القيامة، لكنه لم يكن يدعو مراعاة للأدب، إذ الأدب أن لا يدعو لمراد إلاَّ فيما هو معتاد الوجود وإن كان الله قادرًا على كل شيء، فلما رأى عندها ما هو ناقض للعادة حمله ذلك على الدعاء في طلب الولد غير المعتاد. انتهى.
وقوله: كانت تحدثه نفسه بذلك، يحتاج إلى نقل.
وفي قوله: {هنالك دعا} دلالة على أن يتوخى العبد بدعائه الأمكنة المباركة والأزمنة المشرفة. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أن قوله: {هُنَالِكَ دَعَا} يقتضي أنه دعا بهذا الدعاء عند أمر عرفه في ذلك الوقت له تعلق بهذا الدعاء، وقد اختلفوا فيه، والجمهور الأعظم من العلماء المحققين والمفسرين قالوا: هو أن زكريا عليه السلام رأى عند مريم من فاكهة الصيف في الشتاء، ومن فاكهة الشتاء في الصيف، فلما رأى خوارق العادات عندها، طمع في أن يخرقها الله تعالى في حقه أيضا فيرزقه الولد من الزوجة الشيخة العاقر.
والقول الثاني: وهو قول المعتزلة الذين ينكرون كرامات الأولياء، وإرهاصات الأنبياء قالوا: إن زكريا عليه السلام لما رأى آثار الصلاح والعفاف والتقوى مجتمعة في حق مريم عليها السلام اشتهى الولد وتمناه فدعا عند ذلك، واعلم أن القول الأول أولى، وذلك لأن حصول الزهد والعفاف والسيرة المرضية لا يدل على انخراق العادات، فرؤية ذلك لا يحمل الإنسان على طلب ما يخرق العادة، وأما رؤية ما يخرق العادة قد يطمعه في أن يطلب أيضا فعلًا خارقًا للعادة ومعلوم أن حدوث الولد من الشيخ الهرم، والزوجة العاقر من خوارق العادات، فكان حمل الكلام على هذا الوجه أولى.
فإن قيل: إن قلتم إن زكريا عليه السلام ما كان يعلم قدرة الله تعالى على خرق العادات إلا عندما شاهد تلك الكرامات عند مريم عليها السلام كان في هذا نسبة الشك في قدرة الله تعالى إلى زكريا عليه السلام.
فإن قلنا: أنه كان عالمًا بقدرة الله على ذلك لمن تكن مشاهدة تلك الأشياء سببًا لزيادة علمه بقدرة الله تعالى، فلم يكن لمشاهدة تلك الكرامات أثر في ذلك، فلا يبقى لقوله هنالك أثر.
والجواب: أنه كان قبل ذلك عالمًا بالجواز، فأما أنه هل يقع أم لا فلم يكن عالمًا به، فلما شاهد علم أنه إذا وقع كرامة لولي، فبأن يجوز وقوع معجزة لنبي كان أولى، فلا جرم قوي طمعه عند مشاهدة تلك الكرامات. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} اختلف في سبب دعائه على قولين:
أحدهما: أن الله تعالى أذن له في المسألة لأن سؤال ما خالف العادة يُمْنَع منه إلا عن إذن لتكون الإجابة إعجازًا.
والثاني: أنه لما رأى فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف طمع في رزق الولد من عاقر. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرّيَّةً طَيّبَةً}:

.قال الفخر:

أما الكلام في لفظة {لَّدُنْ} فسيأتي في سورة الكهف والفائدة في ذكره هاهنا أن حصول الولد في العرف والعادة له أسباب مخصوصة فلما طلب الولد مع فقدان تلك الأسباب كان المعنى: أُريد منك إلهي أن تعزل الأسباب في هذه الواقعة وأن تحدث هذا الولد بمحض قدرتك من غير توسط شيء من هذه الأسباب. اهـ.

.قال ابن عادل:

قوله: {مِن لَّدُنْكَ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه يتعلق بـ {هَبْ} وتكون {مِنْ} لابتداء الغاية مجازًا، أي: يا رب هَبْ لي من عندك. ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه في الأصل صفة لـ {ذُرِّيَّة} فلما قُدِّم عليها انتَصَبَ حالًا. اهـ.

.قال أبو حيان:

{قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة} هذه الجملة شرح للدعاء وتفسير له، وناداه بلفظ: رب، إذ هو مربيه ومصلح حاله، وجاء الطلب بلفظ: هب، لأن الهبة إحسان محض ليس في مقابلتها شيء يكون عوضًا للواهب، ولما كان ذلك يكاد يكون على سبيل ما لا تسبب فيه: لا من الوالد لكبر سنه، ولا من الوالدة لكونها عاقرًا لا تلد، فكان وجوده كالوجود بغير سبب، أتى هبة محضة منسوبة إلى الله تعالى بقوله: {من لدنك}، أي من جهة محض قدرتك من غير توسط سبب.
وتقدّم أن: لدن، لما قرب، و: عند، لما قرب ولما بعد، وهي أقل إبهامًا من: لدن، ألا ترى أن: عند، تقع جوابًا لأين، ولا تقع له جوابًا: لدن؟. اهـ.

.قال الفخر:

الذرية النسل، وهو لفظ يقع على الواحد، والجمع، والذكر والأنثى، والمراد منه هاهنا: ولد واحد، وهو مثل قوله: {فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5] قال الفراء: وأنث {طَيّبَةً} لتأنيث الذرية في الظاهر، فالتأنيث والتذكير تارة يجيء على اللفظ، وتارة على المعنى، وهذا إنما نقوله في أسماء الأجناس، أما في أسماء الأعلام فلا، لأنه لا يجوز أن يقال جاءت طلحة، لأن أسماء الأعلام لا تفيد إلا ذلك الشخص، فإذا كان ذلك الشخص مذكرًا لم يجز فيها إلا التذكير. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدعاء}:

.قال الفخر:

ليس المراد منه أن يسمع صوت الدعاء فذلك معلوم، بل المراد منه أن يجيب دعاءه ولا يخيب رجاءه، وهو كقول المصلين: سمع الله لمن حمده، يريدون قبل حمد من حمد من المؤمنين، وهذا متأكد بما قال تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام في سورة مريم {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيًّا} [مريم: 4]. اهـ.

.قال ابن عادل:

قوله: {سَمِيعٌ الدعاء} مثال مبالغة، مُحَوَّل من سامع، وليس بمعنى مُسْمِع؛ لفساد المعنى؛ لأن معناه أنك سامعه، وقيل: مُجِيبه، كقوله: {إني آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فاسمعون} [يس: 25] أي: فأجيبوني، وكقول المصلي: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، يريد قبل اللهُ حَمْدَ مَنْ حَمِدَهُ من المؤمنين. اهـ.

.قال ابن عطية:

هناك في كلام العرب إشارة إلى مكان فيه بعد أو زمان، و{هنالك} باللام أبلغ في الدلالة على البعد، ولا يعرب {هنالك} لأنه إشارة فأشبه الحروف التي جاءت لمعنى، ومعنى هذه الآية: أن في الوقت الذي رأى زكرياء رزق الله لمريم ومكانتها منه وفكر في أنها جاءت أمها بعد أن أسنت وأن الله تقبلها وجعلها من الصاحلات تحرك أمله لطلب الولد وقوي رجاؤه وذلك منه على حال سن ووهن عظم واشتعال شيب وذلك لخوفه الموالي من ورائه حسبما يتفسر في سورة مريم إن شاء الله فدعا ربه أن يهب له ذرية طيبة، والذرية اسم جنس يقع على واحد فصاعدًا كما الولي يقع على اسم جنس كذلك، وقال الطبري: إنما أراد هنا بالذرية واحدًا ودليل ذلك طلبه وليًا ولم يطلب أولياء، وأنث الطيبة حملًا على لفظ الذرية كما قال الشاعر: [الوافر]
أبوك خليفةٌ وَلَدَتْهُ أُخْرى ** وَأَنْتَ خَلِيفَةٌ ذاكَ الْكَمَالُ

وكما قال الآخر:
فما تزدري مِنْ حَيَّةٍ جَبليَّة؟ ** سِكَات إذا ما عضَّ لَيْسَ بأدْرَدا

وفيما قال الطبري تعقب وإنما الذرية والولي اسما جنس يقعان للواحد فما زاد، وهكذا كان طلب زكرياء عليه السلام، و{طيبة} معناه سليمة في الخلق والدين نقية، و{سميع} في هذه الآية بناء اسم فاعل. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً أنك سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [38].
أي في ذلك المكان، قبل أن يخرج، وقد نبهه إلى الدعاء مشاهدة خوارق العادة مع قول مريم: {إِنَّ الله يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37] والحكمة ضالة المؤمن، وأهل النفوس الزكية يعتبرون بما يرون ويسمعون، فلذلك عمد إلى الدعاء بطلب الولد في غير إبأنه، وقد كان في حسرة من عدم الولد كما حكى الله عند في سورة مريم. وأيضا فقد كان حينئذ في مكان شهد فيه فيضا إلهيا. ولم يزل أهل الخير يتوخون الأمكنة بما حدث فيها من خير، والأزمنة الصالحة كذلك، وما هي إلا كالذوات الصالحة في أنها محال تجليات رضا الله.
وسأل الذرية الطيبة لأنها التي يرجى منها خير الدنيا والآخرة بحصول الآثار الصالحة النافعة. ومشاهدة خوارق العادات خولت لزكريا الدعاء بما هو من الخوارق، أو من المستبعدات، لأنه رأى نفسه غير بعيد عن عناية الله تعالى، لاسيما في زمن الفيض أو مكانه، فلا يعد دعاؤه بذلك تجاوزا لحدود الأدب مع الله على نحو ما قرره القرافي في الفرق بين ما يجوز من الدعاء وما لا يجوز. وسميع هنا بمعنى مجيب. اهـ.

.قال القرطبي:

دلّت هذه الآية على طلب الولد، وهي سُنّة المرسلين والصدّيقين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38] وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وَقّاص قال: أراد عثمان أن يتبتّل فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أجاز له ذلك لاختصينا.
وخرّج ابن ماجه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النكاح من سُنَّتي فمن لم يعمل بُسنّتي فليس منّي وتزوّجوا فإني مكاثِرٌ بكم الأمم ومن كان ذا طَول فَلْيَنْكِح ومن لم يجد فعليه بالصوم فإنه له وجاء» وفي هذا رَدٌّ على بعض جُهّال المتصوّفة حيث قال: الذي يطلب الولدَ أحمق، وما عَرَفَ أنه (هو) الغبيُّ الأخرق؛ قال الله تعالى مخبرا عن إبراهيم الخليل: {واجعل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخرين} [الشعراء: 84] وقال: {والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74].
وقد ترجم البخاري على هذا باب طلب الولد.
وقال صلى الله عليه وسلم لأبى طَلْحة حين مات ابنه: «أعْرَسْتم الليلة»؟ قال نعم، قال: «بارك الله لكما في غابر ليلتكما» قال فحملت.
في البخاري: قال سفيان فقال رجل من الأنصار: فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرأوا القرآن.
وترجم أيضا باب الدعاء بكثرة الولد مع البركة وساق حديث أنس بن مالك قال قالت أم سُليم: يا رسول الله، خادمك أنس أدع الله له.
فقال: «اللهمّ أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته» وقال صلى الله عليه وسلم: «الّلهُمّ اغفر لأبي سَلَمة وارفع درجته في المهديَّين فيما واخلفه في عَقِبه في الغابرين» أخرّجه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الوَلود الوَدود فإني مكاثر بكم الأمم» أخرجه أبو داود.
والأخبار في هذا المعنى كثيرة تحث على طلب الولد وتندب إليه؛ لما يرجوه الإنسان من نفعه في حياته وبعد موته.
قال صلى الله عليه وسلم: «إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث» فذكر: «أو ولد صالح يدعو له» ولو لم يكن إلا هذا الحديث لكان فيه كفاية.
فإذا ثبت هذا فالواجب على الإنسان أن يتضرّع إلى خالقه في هداية ولده وزوجه بالتوفيق لهما والهداية والصلاح والعفاف والرعاية، وأن يكونا مُعينين له على دينه ودنياه حتى تعظم منفعته بهما في أولاه وأخراه؛ ألا ترى قول زكريا {واجعله رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 6] وقال: {ذُرِيَّةً طَيِبةً}.
وقال: {هَبْ لنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِيَّاتِنَا قُرَّة أَعْيُنٍ}.
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس فقال: «اللهمّ أكثر ماله وولده وبارك له فيه» خرّجه البخاري ومسلم، وحسْبُك. اهـ.